لقد شهدت أسعار الذهب خلال الأشهر القليلة الماضية تراجعات حادة ليهبط دون مستوى الدعم النفسى عند1300 دولار للأونصة، وقد سجلت أسعار تداول الذهب خلال شهر حزيران/يونيو أدنى مستوياتها منذ شهر تشرين الثانى/نوفمبر الماضى، تأتى تلك التراجعات الحادة بسبب العديد من العوامل الاقتصادية والسياسية التى أثرت سلبًا على معدلات الطلب على الذهب، وعلى الرغم من هذه الخسائر المتكبدة إلا أن الذهب لا يزال يتمتع بأداء قوى خلال هذا العام مقارنة بالسنوات السابقة.
ما هى العوامل التى أدت إلى تراجع أسعار الذهب؟
1 .ارتفاع الدولار الأمريكى لأعلى مستوياته فى عام تقريبًا
شهد الدولار الأمريكى ارتفاعات متتالية وكبيرة حيث سجل أعلى مستوياته فى عام تقريبًا مدعومًا من الارتفاع الجنونى لعوائد سندات الخزانة الأمريكية طويلة الآجل ووصولها لأعلى مستوياتها منذ عام 2014 حيث تخطت مستوى 3%، وقد أثر ذلك بالسلب على أسعار الذهب التى تهاوت بشكل كبير حيث زاد اقبال المستثمرين على أسواق السندات.
2 .تقلص المخاوف الجيوسياسية
خلال الفترة الأخيرة شهدت العالم تطورًا ايجابيًا فى العديد من القضايا الجيوسياسية أبرزها التطورات فى الملف النووى لكوريا الشمالية، فقد اجتمع الرئيس الأمريكى "دونالد ترامب" مع زعيم كوريا الشمالية "كيم جونغ أون" فى بداية شهر حزيران/يونيو فى لقاء تاريخى فى سنغافورة وتم عقد اتفاق مشترك بينهما حيث تعهد الرئيس كيم اخلاء شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية، وقد أثر تلك الاجتماع التاريخى بشكل ايجابى على الدولار الأمريكى كما تحسنت شهية المخاطرة لدى المستثمرين وضعف الطلب على الذهب الذى يعمل بدوره كملاذ آمن واستثمار بديل فى الأسواق.
3 .رفع أسعار الفائدة الأمريكية
من بين الأسباب التى كانت عنصرًا أساسيًا فى تراجع أسعار الذهب هو قيام البنك الاحتياطى الفيدرالى برفع أسعار الفائدة خلال اجتماعه الذى عقد فى شهر حزيران/يونيو للمرة الثانية على التوالى بقيمة 25 نقطة أساس لتصل إلى مستوى يتراوح بين 1.75% إلى 2%، كما ألمح البنك عن احتمالية رفعها مرتين اضافيتين خلال هذا العام، وأرجع ذلك إلى قوة الاقتصاد الأمريكى من خلال البيانات الاقتصادية التى صدرت فى الفترة الأخيرة.
ولكن يعتقد البعض أن أسعار الذهب قد وصلت إلى الحد الأدنى لهذا العام ولا مزيد من التراجعات أكثر من ذلك، وهذا بسبب العوامل الآتية:
1 .معدلات الطلب فى الأسواق الناشئة
تراجعت معدلات الطلب على الذهب بشكل نسبى فى الهند والصين أكبر مستهلكين للذهب فى العالم خلال هذا العام، ولكن مع تراجع الأسعار الحالية وتحديدًا تحت مستوى الدعم النفسى 1300 دولار للأونصة، من المرجح أن يرتفع الطلب لأنه يميل أن يكون مرنًا فى الأسواق الناشئة.
2 .الدولار قد ينخفض أمام اليورو قريبًا
إن قوة الدولار الأمريكى التى شهدها مؤخرًا تفسر الكثير من الضعف الأخير لأسعار الذهب، وعلى الرغم من انخفاض اليورو أمام الدولار بنحو 5% خلال الربع الثانى إلا أنه من المرجح أن هذا قد يكون عامل مؤقت وأن العملات قد تغير مكانها قريبًا ويتراجع الدولار الأمريكى وهذا سيعطى قوة دفع لأسعار الذهب.
3 .تزايد الطلب للتحوط ضد التضخم يجب أن يدعم الأسعار
إن ارتفاع معدلات التضخم وارتفاع أسعار المستهلكين بشكل مطرد خلال هذا العام سيدفع البنك الاحتياطى لرفع أسعار الفائدة من مرة إلى مرتين اضافيتين، ومن جهة أخرى قد تؤدى المخاوف من ارتفاع معدلات التضخم إلى دفع المستثمرين إلى الذهب للتحوط من معدلات التضخم المرتفعة.
Post A Comment:
0 comments: